مملـــــــكة الأحــــــــــزان

من طرف **ملك العشق** الأربعاء أبريل 02, 2008 7:08 pm

مملـــــــكة الأحــــــــــزان

مهما تباعدت المسافات ... ومهما صعب اللقاء ...
تبقين مملكتي المفضلة ...
أهجر إليك وأنا أَجُر أحزاني ... وآلامي ... وجراحي ... وإثمِي ...
وإرثِي الثقيل من آثار مخالب الزمان ...
وحتى حين تجود الأيام ... وتسمح بأن تمنحني ثوان من الفرح ...
أجدني أهرب إليك ... وأسميك مملكة الأفراح .

أنــــــــــــــــــــــا .....ا ...... ل ...... خ ..... ط ..... ا .... ب ...

إن هربت منك ... فإنما أهرب إليك ... وإن تركت مملكتك ... لأبحث لي
عن ملجأ في أقصى الدنيا ...
أجدني أمشي ... وأمشي ... وحين أتعب من
المسيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــر ...
أجد نفسي داخل أسوارك ...

الجدران شاهقة ... ويداي قصيرتين ... وبصري يحده حزنك
المترامي عبر أرجاء مملكتك ...
الحراس هنا ... وهنـــــــــــــــــــــناك ...
العبيد يملؤون الطرقات ...
والفرسان تركب الجياد ... وتنشر السيوف على خيوط الشمس ...

وأنــــــــــــــــا ... من أنــــــــــــــــــــا !!! ؟؟؟
من أكــــــــون ... أنــــــــــــــــــــــــــا !!! ؟؟؟

مسكيــــــــن ... يركب الوهم ... ويتأبط السراب ... ويسير على حافة
الجــــــــــــــراح ...
ينزف دما ... وينثر دموعا على أرض الملح
والآلام ...
أطوف في الأزقة ... وأجوب الطرقات ...
يحاصرني المطر ... والإرهاق ... وتأكل الأشواك ... والتراب من قدميا
الحافيتين ...
يتعشى الخوف من أحشائي الفارغة ... ويرميني مسلوخا من الأمل
والحياة ...
أحمل نفسي ... وأتأبط ذراعي ... وأشرب ريقي ... وأعزي نفسي ...
وأنزل الى النهر ... كي أعبر الى العالم الآخر ...

كنت أعرف أن التماسيح تتربص بي ...
وكنت أعلم أن النهر ينتظر قربانا من أهل البلدة البخلاء ...
ومع ذلك ... رميت بجثتي الى الماء ...
إن التماسيح لاتقبل بجسد نخره الألم ... وسكنته الجراح ...
والنهر العظيم لا يقبل بقربان نزف دما ... على صخرة الحياة ...

في قاع النهر ... تسللت فقاعاة الماء ... الممزوجة بضوء القمر الى
جبينـــــــــي ...
وقَرَأتِ سلحفاةٌ كبيرةٌ ... على صدري إسم الخطـــــــــــــــــــــــــاب
فحملتني الى الضفة الأخرى ... ثم مشت بي تسعمائة ليلة ...
وحين اكتملت دورة القمر للمرة السابعة ...
وبأرض شاسعة لا يحدها بصر ... يلتقي آخرها بالسحاب ...
زُرِعَت جوانبها بالنخيل ... وأجزاء منها بالرمان ... والتفاح ...
والأزهار ... والورود ... والخُزَامَى ... والنعناع ...

أَحسست أنَّ اَلسلَحْفَاةَ تَوَقفَتِ عَنِ اَلْمَسِيرِ ..
والقوقعة أصْبَحَت هشَّة ...
اَلْجمَالُ تحيط بالمكان ... والفِيَلَةُ تنتشر في كل الأرجاء ...
الأعلام ... والرماح ... والأقواس ... تطل من على كل الأشجار ...
الوجوه ملثمة ... والأصابع على الزناد ...
والزغاريد ... والبخور ... والشموع ... والحناء ... والظفائر ...
والسلحفاة ... أين السلحفـــــــــــــــــــــــــــــاة ... !!! ؟؟؟
صراخي مكثوم ... وصوتي شُنِقَ بأهازيج الطبول ...
وصفعات ارتطام أحدية الجنود بالطرقات المرصفة ...

أين ... أين ... أنـــــــــــــا ... !!! ؟؟؟
من ... من ... أكون أنــــــا ... !!! ؟؟؟

لا أحد يجيب ...
الغرفة شاسعة ... وأضواء الثرايا تشع من كل الجهات ...
الجدران من فضة ... والسقف مرصع بالذهب ...
العصافير ترسل أصوات التهاني من نوافذ مطلة على الحديقة
الخرافيــــــة ...
الخدم بريش الطاووس ... وأجنحة الملائكة ...
لا أحد يُبْطِئُ في تقديم الخدمات ... ولا أحد يجيب على
تســـاؤلاتي ...
الصمت رهيب ... وعالم البهرجة يخيفني ...

أيـــــــــــــن أنـــــــــــــــــــا !!! ؟؟؟

الأسوار عالية ... والقصر في أعلى قمة الجبل ...
والجبل مزروع وسط أرض شاسعة لا يحدها بصر ...
الليلة ... أتسلل عبر السنديانة الملتصقة بالجدار الخلفي للغرفة ...
الليلة ... أرمي بنفسي من أعلى شرفة ...
الليلة ....................الليلة ...
الليلة ....
وليلة ... بعد ألف ليلة ...وحين دوَّى صوت الطبول الذي لم أسمعه منذ ألف
ليلة ...

وحين أنارت كل ثرايا القصر ... وتحوَّلت قمة الجبل الى نجمة مضيئة ... في قلب السماء ...
وبعد أن وقفت الجنود صفوفا ... والحراس ... والخدم ...
جاء منادي بصوت حازم ... وأمر ناجز : << الكل يستعد لاستقبال الملكـــــــــــــــــــــــــــــــــــة>>
وكطفل صغير ... في احتفال رهيب ...
وقفت على رؤوس أصابعي لأرى بعيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دا ...
ولم أَرَ شيئا ...

سكن الليل ... ونامت الحاشية المتعبة ... المنهوكة ...
وقبل أن يصيح الديك ... معلنا انفلات شهرزاد من قبضة شهريار ...
جاءتني فتـــــــــــــــــاة على هيئة ملاك ...
شَعَّ ضوء غريب في الغرفة ...
حاصرتني العصافير من كل الجهات ...
أريج الزهور عبق ... طَوَّقَ المكان ...
والنسيم أخذ يعبث بأطراف الستائر ...
الملاك الجميل ... نور ... وأريج ... وعبق ... ونسيم ...
عيناي عاجزتين عن احتواء الصورة الجميلة ...
لساني سقطت منه بطاقة الهوية ...
وجثتي لم يعد لها أية صلة بروحي المحلقة ...

أنــــــــا ... هنـــا ... أنــــا ... هنـــــــــاك ...
لســـت ... هنـــا ... لست ... هنــــــــاك ...
أنـــــــــا .... أنــــــــــا ... لسـت أنــــــــا ...

في خِضَّمِ الصراع بين أنــــــــا والأنـــــــــا ...
هدأت الرياح ... وتوقفت الرعشات ... واستوت الصورة ...
وعلى الشاشة المسطحة ... كُتِبَ بخط بارز :
<< مرحبا بكم في مملكـــــــــــــــــــــــةالأحــــــــــــــــــ ــــــزان
أنتــــــــــــــــم الآن في منتـــــــــــــــــدى المايستـــــــــــــــــــرو >>

وعادت روحي الى جسدي ...
وَتَصَالَحَتِ أنـــــــــــا ... مع الأنــــــــــــــا ...
وأخيرا عرفت أني : الخطـــــــــــــــــــــاب .