قصيده للشاعر العراقي عبدالرزاق عبدالواحد ( درة الشرق )

درَّة الشرق

عبد الرزاق عبد الواحد
الغِـني ، والتـُّراثُ ، والأدبُ
وَجَلالُ التاريخ ِ.. والحَسَـبُ
والمَغاني..والمَرتـَعُ الخَصِبُ
وصَريرُ الأقلام ِ.. والكتـُبُ
والظـُّبا ، والجيوشُ ، والأ ُهَبُ
أنا آتٍ وأضلـُعي تـَجـِبُ
لا تـَلـُمني ، فإنـَّهـا حـَلـَبُ !

دُرَّة َالشـَّرق ِ.. أيُّ مُعجـِزَةٍ
هـُتـِكـَتْ فـَجأة ًبها الحُجُبُ
فـَتـهادي سناكِ ألـفَ مَديً
يَبهَـرُالعَـينَ وهو يـَنسـَربُ
سائلي : ما تـَقولُ في حَلـَبٍ؟
إسأل ِالرُّوحَ كيفَ تـَنخـَلِبُ
إسأل ِالـقـلبَ كيفَ يُربـِكـُهُ
خَفقُ نـَجم ٍفي اللـَّيل ِيَضطرِبُ
مُوقِظا ًفي الضُّلوع ِذبَـذبَـة ً
مُنذ ُألـفٍ نـَأتْ بـِها الحِقـَبُ !
سَلْ ضَميرَالتاريخ..أصْدَقـَهُ
فـَلـَهـا فـيـهِ قِـصَّة ٌ عـَجَـبُ
نـَجمَة ً نـَجمَة ً مَجـَرَّتـُهـا
تـَتـَعـَرَّي ، والـلـَّيلُ يـَلتـَهـِبُ
مثـلَ نافـورَةٍ تـَضُجُّ سَـنيً
هـكـذا ،هـكـذا هيَ الشـُّهُـبُ !

1
سأقولُ الشـَّهباءُ أ ُختُ أبي
كبريائي .. ومائيَ الـعـَذِبُ
سَـلْ ظِماءَ التاريخ..كلـُّهُمُو
دونَ مَنٍّ مِن نـَبعِها شـَرِبوا
ومَضَوا،وانطوَتْ صَحائفـُهُم
وهيَ رَيـَّـا ، وَعُودُها رَطِبُ!
ورَوَوا أنَّ روحَها احتـَجَـبَـتْ
غُرَّة ُ الشمس ِكيفَ تـَحتجـِبُ؟!
هيَ فـَجـرُ الآدابِ أجمَعـِهـا
والـثــَّـقـافاتُ حِملـُهـا ذ َهـَبُ
مِن أبي الطـَّيـِّبِ العـَظيم ِلها
نـَسـَبٌ لـيسَ بَعـدَهُ نـَسـَبُ!
وابنُ حَمدانَ لم يـَزَلْ دَمـُهُ
دونَ حـَدِّ الإسـلام ِيَـنسـَكِبُ
وَسـَراياه ُ حـَدَّ خـَرشـَنـَة ٍ
مُنـذ ُ ألـفٍ خـيولـُهـا تـَثـِبُ!
إنْ يـَكُ الرُّومُ عادَ عائِدُهُم
فالرِّجالُ الرِّجالُ ما نـَضَبوا
أمس ِكانـَتْ مَصَدَّهُم حَلـَبٌ
وَسـَتـَبقي مَصَدَّهُم حَلـَبُ!

عِمْتِ مَجدا ًدِمَشقُ ، رُبَّ أذيً
لـِخَلاص ٍمِن الأذي سـَبَبُ!
رُبَّ سـاع ٍ لـِلـشـَّرِّ مُحتـَطِبٍ
جَذ َّ يـُمنـاهُ وهـوَ يـَحتـَطِبُ!
فـَإذا أوقــَدُوا مَجـامِرَهـا
فـَبـِهـِم سوفَ يُحـْدِقُ الـلـَّهَبُ!

ها عراقُ الرِّجـال ِمُحتـَرِبٌ
زَلـزَلَ الـكـَونَ وهوَ يَحتـَرِبُ

2
لـَيلـَة ً لم تـَنـَمْ مَحـاجـِرُهُم
وَخـُطاهـُم م ِ الظـِّلِّ تـَرتـَعِبُ
عَـقـرَبُ الخـَوفِ كلَّ ثـانيـَةٍ
بينَ أحشــائهـِم لهـا ذنـَبُ!
وَهـُمو يـَسـألـونَ من هـَلـَع ٍ
أينَ من أرض ِبابـِلَ الهـَرَبُ؟!
هيَ بغــدادُ أيقـَظوا دَمهـا
فـَعـَلي أيِّ لـُجـَّةٍ رَكـِبوا؟!

إنـَّنا يا دمشـقُ من وَجَع ٍ
عـَصَبٌ يـَستـَفزُّهُ عـَصَبُ
إسألي القلبَ حينَ يَشعَـبُهُ
ذِكرُ بغــدادَ كيفَ يَنشَعِبُ!
هيَ بغـدادُ يا دمشقُ..لـَها
دمُ كلِّ العراق ِيَصطخِبُ
لا تـَقولي روَيدَكم ، فـَبـِنا
ضِعفَ مَجري دمائنا غضَبُ
بَعـدَ بغـداد لا سَعَتْ قـَدَمٌ
بـِخُطانا،ولا استـَوَتْ رُكـَبُ
هيَ بغـداد ..لن تـَذِلَّ لهم
ولـَو الـرُّومُ كـُلـُّهـُم ألـِبُوا
ألفُ جيش ٍ، بألفِ مُعتـَصِمٍ
دونَ بغـداد سوفَ يَحتـَرِبُ!
جُثـَثـا ًتـُصبحُ الزروع ُبها
وَدَما ًسوفَ تـَهطلُ السُّحُبُ!
أ ُختـُها أنتِ..فيكِ سَورَتـُها
وإباها ، وبَحرُها اللـَّجـِبُ
وهمو يَعلمون..لو خـَدَشوا
فيكِ خـَدشا ًفالكونُ يَنقلبُ
سَـتـَميـدُ الـدُّني بآهـِلـِها
وَيُري منكِ وَسْطـَها قـُطـُبُ

3
يُمسِكُ الأرضَ حولَ دارَتـِهِ
وهيَ طـُرَّا ًإلـيـهِ تـَنجَذِبُ!
سـَتـَضجُّ الآمـادُ أجمَعـُهـا
والثـَّري كلـُّها سـَتختـَضِبُ
بكِ ..بالأكرَمينَ فـيكِ دَما ً
لا بأهـل ٍ دماؤهـُم كـَذِبُ!

يا ذِمامَ الـتـَّاريخ ِ، مَعذِرَة ً
رُبَّ شَوطٍ أزري بـِهِ التـَّعَبُ
رُبَّ خـَيل ٍطارَتْ حَوافِرُها
والـفـتوحاتُ أ ُفـْقـُها الرَّحِبُ
عَثـَرَتْ ، وانطوَتْ قـَوائِمُها
تـَحتـَها ، والتـُّرابُ يَنتـَحِبُ!

كانَ يوما ًأيْـكٌ..وَذاتَ عَميً
صَوَّحَ الـنـَّبعُ فيهِ والغـَرَبُ!
كانَ زَهوٌ..وكانَ فـَرْط ُتـُقيً
وَخـَلاقٌ بـِهـِنَّ نـَحـتـَسـِبُ
كلـُّها قـُوِّضَتْ مَدارِجُهـا
والذينَ ارتـَقـَوا بها ذ َهَبوا!
أ ُختَ بغـداد..دارَ دَورَتـَهُ
زَمَنُ الأكرَمين ، واغتـَرَبوا
وبَـقـِيـنـا نـُديـرُ أعـيـُنـَنا
فإذا الـنـَّاسُ كلـُّهُم جُـنـُبُ
وإذا أقـرَبُ الأنـام ِ لـَنـا
بَعـدَ إذن ِالغـُزاةِ يَقـتـَرِبُ!
شـامِتا ً..أو مُواسـيا ًوَقـِحا ً
بأذ َلِّ الـنـِّقابِ يـَنـتـَقِـبُ!
لا تـَقولي ديارُنا نـُكـِبَتْ
قـَبْـلُ ياما آباؤنا نـُكـِبوا

4
واستـَقـَرُّواعلي الشـَّجا قِمَما ً
تـَخشَعُ الأرضُ حينَ تـَنتـَصِبُ
وعلي كلِّ ما جَـري دَمُهُم
يُفزعونَ الرَّدي إذا غـَضِبوا!

أ ُختَ بغـداد..جَلَّ قـَدْرُكِ أن
تـُذكـَري حينَ يُذكـَرُ الوَصَبُ
أنتِ زَهوُ الـدُّنيا وَهُم عـَطـَبُ
أنتِ زَهْرُ الـدُّنيا وَهُم حـَطـَبُ
شـَعَفاتُ التاريخ ِأنتِ..وَهُم
في أعـَزِّ ادِّعـائِهـِم ذ َنـَبُ!
فـَتـَعالـَيتِ .. إنَّ مِحنـَتـَنـا
بـِبَني الـعـَمِّ مِحنـَة ٌعـَجَبُ!

يا مَغـاني الشـَّهباء..مَعذِرَة ً
رُبـَّما تـُذهـِلُ الفـَتي النـُّوَبُ
أنا أدري بأنَّ قـافـيـَتي
شـَرَدَتْ عنكِ فوقَ ما يَجـِبُ
رُبَّ عـَصماءَ جـِدِّ باسِـلـَةٍ
زَعزَعـَتْ كبرياءَهـا الرِّيَبُ!
كانَ صوتي بـِزَهوِ مِئذ َنـَةٍ
وانحَني ، فهوَ مُشفـِقٌ حَدِبُ
فاعذ ُريني..بغـدادُ مَذبَحَة ٌ
والشـَّجا مِن دِمَشـقَ يَقتـَرِبُ!
فإذا ما تـَمَـزَّقـَتْ لـُغـَتي
فـَلـَها مِن تـَمـَزُّقي سَـبَبُ!
سوفَ يَبقي التاريخُ يسألـُنا
لـِلعيون ِالأجفـانُ والـهـُدُبُ
فـَلـِماذا بـِكـَفـِّها قـَطـَعـَتْ
كلَّ أجـفـان ِعـَينـِها العـَرَبُ؟!

شكرآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ